الضبع حيوان مفترس وخائن، وهو من الحيوانات الآكلة للحوم وللجيف، أي أنها تعتاش على بقايا فرائس الحيوانات الأخرى، وكذلك جثث الحيوانات الميتة، وهو قريب لفصيلة الكلاب، وهي نوعان : نوع مرقط ونوع آخر مخطط..
والضباع من الحيوانات التي تحب الخروج في الليل مثلها مثل الذئاب والثعالب..
يشتهر الضبع في الثقافة الشعبية عند أهل البادية: " بالجبن" مقارنة مع السبع (الأسد والنمر والذئب)، كما ويعرف عنه أنه ينبش مدافن الموتى للوصول إلى جثثهم..
ويعرف عن الضباع أنها قذرة لها رائحة كريهة وهي حيوانات نجسة أيضاً..
ومن وجهة نظري فإن صفاته هذه، أسوأ من صفات الكلب والذئب والخنزير، وأنا أؤمن أيماناً تاماً بحرمة أكله بالنسبة لنا كمسلمين..
رأي أهل الشريعة الإسلامية:
اختلف أهل العلم في حكم أكل الضبع على قولين ؛
الأول/ التحريم وهو قول الحنفية..
ودليلهم في ذلك:
عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ رضي الله عنه: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السَّبُعِ) رواه مسلم. وهذا ينطبق على الضبع فهو من ذوي الأنياب.. وهذا دليل واضح وكافي
وعن خُزَيْمَةَ بْنِ جَزْءٍ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ الضَّبُعِ، فقال: (أَوَ يَأْكُلُ الضَّبُعَ أَحَدٌ؟!) وَسَأَلْتُهُ عَنْ الذِّئْبِ فَقَالَ: (أَوَ يَأْكُلُ الذِّئْبَ أَحَدٌ فِيهِ خَيْرٌ؟!) رواه الترمذي...( وضعفه واعتبر اسناده بغير القوي)
الثاني/ الحل والإباحة وهو قول أكثر العلماء ..! (الشافعية والحنابلة والظاهرية)
ودليلهم في ذلك:
بما جاء عَنْ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرٍ: الضَّبُعُ أَصَيْدٌ هِيَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: آكُلُهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ قُلْتُ: أَقَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ. رواه الترمذي (851) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (2494).
وجوهر هذا الحديث يتعارض مع القاعدة الفقهية الأصلية، ومن المؤكد أنه يوجد خطأ إملائي في كلمة الضبع فإما تكون الظبي أو الضب..
ملاحظات:
الترمذي : ولد في ترمذ جنوب أوزبكستان سنة 824م وتوفي سنة 892م، أي أن مولده في عهد الدولة العباسية، بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بنحو 192 سنة .. فالترمذي ليس من الصحابة وليس من التابعين..
والألباني: ولد سنة 1914م في ألبانيا، إحدى دول أقليم البلقان في جنوب شرق أوربا
خزيمة بن جزء وقيل بن جزي السلمي، رضي الله عنه، ذكره ابن أبي داوود في الصحابة، سكن البصرة من أرض العراق، وأخوه حبان بن جزء، وحبان وجزيمة وأبيهما جزء لهم صحبة، وقد رووا بعض الحديث.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ حَازِمِ بْنِ حُسَيْنٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ عَنْ حِبَّانَ بْنِ جَزْءٍ عَنْ أَخِيهِ خُزَيْمَةَ بْنِ جَزْءٍ قَالَ: [سَأَلْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَكْلِ الثَّعْلَبِ فَقَالَ: وَمَنْ يَأْكُلُ الثَّعْلَبَ؟ وَسَأَلْتُهُ عَنِ الذِّئْبِ قَالَ: يَأْكُلُ الذِّئْبَ أَحَدٍ فِيهِ خَيْرٌ! وَسَأَلْتُهُ عَنِ الضَّبُعِ فَقَالَ: وَمَنْ يَأْكُلُ الضَّبُعَ؟].
قلت وهذا رأيي الشخصي طبعاً: ومن يأكل الضبع ؟! بعد إن عرفنا أنه حيوانٌ قذر فصيلته أقرب لفصيلة الكلاب والقطط، وهو آكل للحوم والجيف ولا يأكل الأعشاب كالظبي، ورائحته كريهة وهو يطحن العظم بأسنانه طحناً، ويجول على القمامة والقاذورات ليلاً، وهو من الحيوانات المفترسة..
وأما حيوان " الضب " وليس الضبع فهو حيوان زاحف من فصيلة السحالي، يأكل الأعشاب والحشرات، ويعيش في الصحراء والمناطق الجافة، لا يشرب الماء وإنما يعوضه في تناول الأعشاب الطرية المبللة بماء الندى، والضب حيوان يبيض مثله مثل الزواحف الأخرى..
والضب ورد في السيرة النبوية :
1) قالت ميمونة بنت الحارث الهلالية : " أهدي لنا ضب فصنعته، فدخل عليه رجلان من قومها فأتحفتهما به، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده ثم رفعها فقلت: " ضب أهدي لنا " ، فذهبا يطرحان ما في أيديهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « كلوه فإنكم أهل نجد تأكلونها، وإنا أهل تهامة نعافها».
2) حَدَّثَنا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «أَهْدَتْ أُمُّ حُفَيْدٍ خَالَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقِطًا وَسَمْنًا وَأَضُبًّا، فَأَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الأَقِطِ وَالسَّمْنِ، وَتَرَكَ الضَّبَّ تَقَذُّرًا»، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «فَأُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا مَا أُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»..
3) حَدَّثَنا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ أُمَّ حُفَيْدٍ بِنْتَ الحَارِثِ بْنِ حَزْنٍ، خَالَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَهْدَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمْنًا وَأَقِطًا وَأَضُبًّا، فَدَعَا بِهِنَّ، فَأُكِلْنَ عَلَى مَائِدَتِهِ، وَتَرَكَهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَالْمُسْتَقْذِرِ لَهُنَّ، وَلَوْ كُنَّ حَرَامًا مَا أُكِلْنَ عَلَى مَائِدَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلاَ أَمَرَ بِأَكْلِهِنَّ»
الطعام الجيد والصحي في الإسلام؛
تنص الشريعة الإسلامية على ضرورة تناول الطعام الصحي، وتراعي في ذلك الاهتمام بالصحة الشخصية للإنسان..
1) عدم أكل الحيوان أو الطير المتجول الذي يأكل القاذورات حتى يطهر وينظف:
وتنظيف الطيور المتجولة يكون بواسطة حبسها في قفص ووضع طعام نظيف لها من الحبوب والأعشاب لتأكل منه مدة ثلاثة أيام على الأقل، حتى ينظف جسمها ويستطاب لحمها..
" وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ أَكْلِ الْجَلَّالَةِ مِنْ طُرُقٍ أَصَحُّهَا مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ عكرمة عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمُجَثَّمَةِ وَعَنْ لَبَنِ الْجَلَّالَةِ وَعَنِ الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ" الجلالة : المتجولة في الشوارع تأكل ما يصادفها من القمامة والقاذورات ..
2) وفي السنة النبوية : الطهارة شطر الإيمان : وروى عن أبى مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد تملأن ما بين السماء والأرض.... والصدقة برهان والصبر ضياء.... والقرآن حجة لك أو عليك)...
فالمسلم يحب دائما الطهارة والنظافة في كل شيء: طهارة جسده ومكانه وملابسه وطهارة طعامه وشرابه وكل شيء..
3) الاكل من أطيب أنواع الطعام وأطيب الأرزاق :
قال تعالى:
{كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي ۖ وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ (81) } [ سورة طه]
ولهذا قال تعالى : ( كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ) أي : كلوا من هذا [ الرزق ] الذي رزقتكم ، ولا تطغوا في رزقي ، فتأخذوه من غير حاجة ، وتخالفوا ما آمركم به ، ( فيحل عليكم غضبي ) أي : أغضب عليكم ( ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى ) قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : أي : فقد شقي .
وقال شفي بن ماتع : إن في جهنم قصرا يرمى الكافر من أعلاه ، فيهوي في جهنم أربعين خريفا قبل أن يبلغ الصلصال، وذلك قوله : ( ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى ) رواه ابن أبي حاتم.
4) قواعد الحفاظ على صحة الإنسان في الإسلام كثيرة :
تجنُّب الإسراف في الطعام.
الأكل على قدْر حاجة الجسم من الطعام.
الحميَّة أصلٌ من أصول صحة الجسم.
تنظيم أوقاتِ الطعام، وتجنب الأكل بين الوجبات، بإدخال طعام على طعام.
اختيار أفضل أنواع الطعام، وتجنب أردئه.
هيئة جلوس الأكل والشرب... ولها مجموعة من الآداب ( غسل اليدين، المبادرة لتناول الطعام، ذكر اسم الله، الأكل باليمين، ومن الجانب الذي يليك، عدم ذم الطعام، والاعتدال في تناول الطعام، .... الخ)
وصايا وتوجيهات عامة: في المأكل، والمشرب؛ للعناية بالصحة، والوقاية من الأمراض..
وقاعدة : لا ضرر ولا ضرار.. عن أبي سعيد سعد بن سنان الخدري رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا ضرر ولا ضرار ).. وقاعدة: " درء المفاسد أَولى من جلب المصالح .."
👈 إقرأ أيضا موضوع .. عن الأنياب والمخالب
التسميات :
في الصحة