مصدر الأسماء العربية


 من أين جاءت الأسماء، عندنا نحن العرب,, ؟!

من الطبيعي جداً، أن يكون لكل إسم استخدمه العرب سبباً في نشأته وظهوره واستخدامه,, ولا مفر من ذلك.. ونظراً لأن الموضوع ضخم وواسع ومتشعب جداً,, فليس أمامنا سوى الاختصار مع ذكر بعض الأمثلة.. 

الاشتقاق في اللغة العربية 

يعد الاشتقاق في العربية من أبرز سماتها، وقد مكنها من التوليد والتوسع في الألفاظ حتى غدت العربية من أغنى اللغات في الألفاظ.ولابن عباس رأي في اشتقاق بعض الكلمات، لقد أورد السيوطي عن ابن عباس: "أنه دخل على معاوية، وعنده عمرو بن العاص، فقال عمرو: إن قريشاً تزعم أنك أعلمها؛ فلم سميت قريش قريشا؟ قال: [ابن عباس] : بأمر بيّن، فسره لنا. ففسره، قال: هل قال أحد فيه شعراً؟ قال: نعم سمّيت قريش بدابة في البحر. وقد قال المشمرج بن عمرو الحميري:

وقريش هي التي تسكن البحر ... بها سميت قريش قريشا

تأكل الغثّ والسمين ولا ... تترك فيه لذي الجناحين ريشا

هكذا في البلاد حي قريش ... يأكلون البلاد أكلا كميشا

ولهم آخر الزمان نبيّ ... يكثر القتل فيهم والخموشا

تملأ الأرضَ خيلهُ ورجالٌ ... يحشرون المَطيّ حشراً كشيشا

واختلف العلماء في اشتقاق كلمة "الناس" أو "الإنسان" فذهب بعضهم إلى أنها من "الإنس" وأصله "أناس" فحذفت فاؤه تخفيفاً، وجعلت ألف (فُعال) عوضاً عن الهمزة. فمادته (أن س)، وذهب بعضهم إلى أنه من "النَّوس" وهي الحركة، وأن المحذوف العين، وأصله، "نَوَس" فقلبت الواو ألفاً، لتحركها وانفتاح ما قبله 4 فمادته (ن وس) ، وقال قوم: أصل الإنسان إنسيان على (إفعلان) ، فحذفت الياء استخفافاً، لكثرة ما يجري على ألسنتهم، فإذا صغروه ردّوا الياء؛ لأن التصغير يرد الأشياء إلى أصولها.(1)

وتشتق الأسماء من صفات وخصائص الكائن، وتشتق الأفعال من الأصوات، فقالوا:

سميت العرب بهذا الإسم لافصاحهم في اللغة، وإيضاحهم سبيل البلاغة.

واشتق الإسم من "السمو" أي العلو ، وقالوا:  قد وجدنا من الأسماء أسماء تضع من مسمّياتها: والاسم علامة للتمييز، والعلامة "سمة" وجمعها "سمات" والوسم علامة للتمييز أيضاً، والإسم علامة تدل على المسمى، إذا الإسم والسمة والوسم كلها علامات للتمييز بين الكائنات، والعلامة صفة يتصف بها الكائن أو الشيء، والصفات أو العلامات تنتقل إلى أسماء، وقالوا: "أن الصفة تكون لجزء معين من الشيء وقد تطلق على كل الشيء(2)"، وإيقاع بعض الشيء على كل الشيء من سنن العرب في كلامها، ومن هنا تشتق الألقاب ثم تصبح كالأسماء,, وباختصار نذكر بعض الأمثلة :

- سمي الأسد أسداً، لأنه كالسد يسد على  الإنسان طريقه، وأنه ضخم وقوي ومهاجم ، وللأسد عدد آخر من الأسماء والمسميات والألقاب قال البعض 500 اسم، وقال آخر 1000 إسم (3)، وسمي النمر نمراً للونه المنمر بالخطوط والنقاط والنمرة النكتة في الشيء، وسمي الفأر فأراً من الفرار والفرار حركة مفاجئة، وسمي  الغنم غنماً لفائدته في الغنائم "المكاسب والفوائد" في لحمها وصوفها وتكاثرها، وسمي الحمام بهذا الإسم لأنه لا يفارق بيته وهذا قدره، والحم القدر، وحام  يحوم في موضعه الذي فيه أجله، وسمي الصقر بذلك لحدة بصره، وسمي الغزال للتغزل في جماله وهيئته وصيده..

والدليل على أن الأسماء تشتق من الصفات الموجودة في الكائن، هو أن إسم أسد- مثلاً - موجود في لغة العرب بينما في لغة غير العرب له اسم آخر، فلو كانت هذه الأسماء موحدة عند جميع سكان الأرض، لاستخدم الاسم نفسه لفظا وشكلا ورسما.

- وسميت مظاهر الأرض من صفاتها أيضاً، وسمي النبات من صفاته وخصائصه كذلك: فالسهل من سهولة الحركة والسير، والجبال من ضخامة العلو والارتفاع والجبل: الكثير أي كثير الارتفاع وكثير العرض وكثير الصعوبة والعوائق، والوادي من  الوأد  وهو الأختفاء لأن الوادي مكان منخفض بين مرتفعين من الأرض، وسمي الطريق طريقاً لأن الناس تطرقه ، وسمي النبات نباتاً لأنه ينبت من الأرض انباتاً، وسميت الأشجار بذلك لأنها تتشاجر وتتشابك الأغصان، وكل تشابك هو تشاجر، وسمي الشوك شوكاً لأنه يشك الأصابع والأطراف، وسمي البخور بخوراً لأنه يتبخر منه روائح في دخانه عند الاحتراق.

اشتقوا أسماء للأشياء من أصواتها، نحو:

الخَازِبَازِ، والبَطّ، والوَاقِ، وغَاقِ، وحَاءِ، وعَاء، وهَاءِ (1/514).

* المصدر يشتق من الجوهر، كالنبات من النبت، ومن الحرف نحو: اللاّلاَة واللّولاَة (1/417).

* الناقة من التنوق في الشيء وتحسينه، و(الجمل) فَعُلٌ من الجمال، و(الوِشَاء) فَعَالٌ من الوَشْي، وما بالدار دِبِّيج وهوفِعِّيل من الديباج، و(إنسان) فعلان من الإنس. وكلها ألفاظ متلاقية المعنى في الاشتقاق مما أخذت منه (1/159-160).

* اشتقوا اسماً للناقة من لفظ الجمل فقالوا: جُماليَّة، تشبيهاً لها به في شدته وعلوِّ خَلْقه) 1/ 308).

* هَلْمَمْت مشتق من "هَلـُمّ" التي أصلها: ها ولُمَّ (1/287).

* كثر اشتقاق الأفعال من الأصوات الجارية مجرى الحروف، نحو:

هاهيت، وسَأْسَأْتُ، وشَأْشَأْتُ، وحَأْحَأْتُ، وحَاْحَيْتُ، وعَاعَيْتُ، وهذا كثير في الزجر(1/514، 421).

* اشتقوا أفعالاً من المركبات، نحو:

بَسْملتُ، وهَيْلَلْتُ، وحَوْقَلْتُ (1/5514).

* كثير من الأفعال مشتق من الحروف، نحو:

لوْلَيْتَ لي، ولالَيْتَ لي، وسوَفَّ، وجميع تصرفات (ن ع م) إنما هومن حرف الجواب " نَعَمْ " وجميع تصرفات (ب ج ل) إنما هومن " بَجَلْ " بمعنى حسبك (1/417 – 419).

* لواشتققت من الجار والمجرور" بأبي أنت " بعد أن تعتقد تركيبه - اشتقاقاً صوتياً لقلت:

بأبأت به بِئْبَاءً وبَأْبَأةً، وصار نحوزلزل زِلزالاً وزلزلة، بل اشتق منه " بِئَب" على وزن عِنَب (1/285-286).

* لا يستنكر أن يكون في الأسماء غير الجارية على الأفعال معاني الأفعال، نحو: مفتاح ومَنْسج، ومُسْعُط، ومنديل، ودار، وحائِش، وحائط، وعاثر؛ فهي من: الفتح، والنسج، والإسعاط، والنَّدْل، والدَّوْر، والحوش، والحَوْط، والعَوَر - وفيها كلها معاني الأفعال الملاقية لها في الاشتقاق (1/158).

مراجع//

(1) أصول علم اللغة العربية في المدينة، عبد الرزاق الصاعدي، مجلة الجامعة الإسلامية، العدد 105 - 106، لسنة 1417هـ - 1418هـ.

(2) شرحا أبي العلاء والخطيب التبريزي على ديوان أبي تمام دراسة نحوية صرفية، إيهاب عبد الحميد سلامة، جامعة القاهرة، 2012م.

(3) تاج العروس من جواهر القاموس، الزبيدي، ج7، ص384.

أقرأ أيضا موضوع أسماء العرب القديمة 

              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم