أخطاء كبرى تجاهلها كثير من العلماء

أخطاء كبرى تجاهلها كثير من العلماء 

هنا أتحدث للقارئ الكريم عن مجموعة كبرى من الأخطاء التي لم ينتبه العلماء إليها بدقة وجدية وتركيز، وهذه الأخطاء تعتبر أخطاء كبيرة وخطيرة وتتنافى مع قواعد اللغة العربية من جهة وتتعارض مع العقيدة الإسلامية من جهة ثانية، فتعالوا بنا نطلع على هذه الأخطاء 

1- خطأ تفسير الأعراب على أنهم البدو، وهذا تفسير خاطئ بكل معنى الكلمة، والأعراب هم العرب 

2- خطأ الاعتقاد بأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو من طبقة العرب المستعربة، وهذا خطأ فادح يتعارض مع القرآن الكريم والسنة النبوية، ويتعارض مع حقيقة تاريخ العرب وأنسابهم الحقيقية..

3- خطأ فقهي فادح، في تحليل أكل الضبع، لأن هذا التحليل يتعارض مع النص الذي جاء فيه تحريم أكل "كل ذي ناب من السباع"، والضبع حيوان له ناب ومفترس وآكل للجيف ونجس ..

4- خطأ فقهي فادح أيضاً في حصر قاعدة التحريم على حيوان البر دون حيوان البحر، فكل ذي ناب من السباع أي السباع أياً كانت في البر أو البحر، وكل ذي مخلب من الطيور، اذا قاعدة التحريم تشمل جميع المخلوقات المفترسة سواء كانت في البر أو البحر أو الجو..

5- خطأ تعميم حديث "الحل ميتته الطهور ماؤه"، على كافة الحيوانات البحرية وفي كافة الظروف والأحوال، فقد يحدث طارئ مؤقت يجعل جزء من ماء البحر غير طاهر للوضوء وغير صالح للاستحمام، كما أن الحل ميتته ليست قاعدة عامة تشمل جميع حيوانات البحر، فهناك وحوش بحرية وهناك حيوانات سامة وقاتلة تعيش في البحر..

6- خطأ لغوي فقهي في تفسير كلمة مخلب الواردة في الحديث النبوي، " كل ذي مخلب من الطيور" جاء في تفسيرها فقهيا ولغويا بأنها أظافر الطيور، وهذا خطأ كبير فكل الطيور لها أظافر، وإنما المخلب الذي يجعل الطائر محرما أكله، هو المخلب الذي يحل محل الناب في السباع، ويقوم بنفس الوظيفة ولذلك فالمخلب يكون في منقار الطائر الجارح ويستخدمه للخلب من جلد ولحم الفريسة، وهذا ما يميزه عن تلك الطيور الآكلة للأعشاب والبذور والحبوب.. وهو نفس السبب الذي أدى لتحريم الطيور الجلالة إذ أنها محرمة حرمة مؤقتة لحين طهارتها، بعد حبسها واطعامها طعاماً نظيفاً ليزول عنها سبب التحريم، فهي تلك الطيور التي لها مخلب تستطيع به قتل القوارض الصغيرة وتأكل اللحوم والجيف في حال كانت تجول في الشوارع والبراري، وتتميز هذه الطيور عن غيرها في أنها تأكل كل شيء من الوسخ القذر والنظيف، ولما كان بإمكاننا أن نطعمها الطعام النظيف فأننا يجب أن نضعها في مكان نظيف مثل الأقفاص والحظائر..

7- خطأ في الأدب العربي، حينما نسب علماء الأدب العربي، الشعر العذري وهو أحد أنواع شعر الغزل، إلى قبيلة عذرة، والصحيح أنه منسوب لنوع الغزل كبقية أنواع الشعر الأخرى، فالشعر العذري العفيف سمي نسبة لمضمونه ونوعه كونه شعرا يخاطب العذارى من النساء وهن البنات اللواتي لم يسبق لهن الزواج، ولذلك سمي هذا الشعر باسم العذري مضافا إليه العفيف للتأكيد على عفته.. فالشعر هو شعر عربي ينسب إلى كل العرب ولم نسمع أن الشعر ينسب إلى قبائل، فأقدم من قال الشعر الغزلي هو عنترة بن شداد في معشوقته عبلة وهما من قبيلة عبس، ومجنون ليلي من قبيلة بني عامر، وجميل بثينة من قبيلة بني سعد..

8- خطأ في استخدام الأحاديث النبوية وعدم الانتباه للمعنى الكامل في الحديث النبوي، اذا أنه لا يمكن اجتزاء جزء منه وترك الجزء الآخر المكمل له، من ذلك على سبيل المثال حديث : " يا أيُّها الناسُ إنَّ ربَّكمْ واحِدٌ ألا لا فضلَ لِعربِيٍّ على عجَمِيٍّ ولا لِعجَمِيٍّ على عربيٍّ ولا لأحمرَ على أسْودَ ولا لأسودَ على أحمرَ إلَّا بالتَّقوَى إنَّ أكرَمكمْ عند اللهِ أتْقاكُمْ"..

فكان الخطأ هو استخدام جزء من الحديث وتجاهل الجزء الثاني، وكان هذا الجزء هو : "ألا لا فضلَ لِعربِيٍّ على عجَمِيٍّ" دون استكمال المعنى الجامع للحديث مع الاستهانة الكبيرة بالجزء الثاني المكمل له: "إلَّا بالتَّقوَى إنَّ أكرَمكمْ عند اللهِ أتْقاكُمْ".. مع اعتقاد خاطئ لدى عامة الناس بأن التقوى هي الصلاة .. ولذلك صار مفهوم الحديث عندهم بأن العرب المسلمين ليسوا أفضل من العجم المسلمين ما دام الجميع يقيم الصلاة .. وهذا مفهوم خاطىء للغاية.. وإنما التقوى لها مفهوم عظيم وهي أعلى درجات الإيمان ورأس التقوى مخافة الله،  إذ التقوى وإن قلّ لفظها جامعة لحق الحق والخلق شاملة لخير الدارين إذ هي تجنب كل منهي وفعل كل مأمور ومن اتقى اللّه حفظه من أعدائه ونجاه من الشدائد ورزقه من حيث لا يحتسب وأصلح عمله وغفر زَلَلَهُ وتكفل له بكفلين من رحمته وجعل له نوراً يمشي به بين يديه وقبله وأكرمه وأعزه ونجاه من النار...

فيكون المعنى الحقيقي للحديث أن أهل التقوى من المؤمنين لا فضل بين أحدهم على الآخر فكلهم سواسية وليس هناك تفضيل لأعراقهم وأجناسهم وألوانهم، وأما العربي المسلم فهو بطبيعة الحال أفضل من الأعجمي الذي لا يعرف لغة الدين والعقيدة والفقه، لأن الوصول لمراتب التقوى لا تتم دون المعرفة الكاملة للسان هذا الدين وهو اللسان العربي المبين..

يقول سبحانه وتعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ 13} سورة الحجرات

تبين الآية السابقة بأن أكثركم كرما هو أكثركم تقوى، ونفهم أن الكرم من الإيمان الذي هو أعلى من الإسلام، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليقل خيرا أو ليصمت ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليكرم جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليكرم ضيفه ) رواه البخاري ومسلم.. نلاحظ في هذا الحديث أن الكرم من الإيمان الذي هو في نهاية المطاف من التقوى.. وهناك فرق بين الإسلام والإيمان لقوله سبحانه وتعالى : {قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ} الحجرات:14

وأما التفضيل فهو موجود ولا ينكره أحد عنده عقل 

لقول الله عز وجل : { فَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَٰهِدِينَ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى ٱلْقَٰعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ وَفَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَٰهِدِينَ عَلَى ٱلْقَٰعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} النساء:95

وقوله عز وجل : { وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِى ٱلرِّزْقِ فَمَا ٱلَّذِينَ فُضِّلُوا۟ بِرَآدِّى رِزْقِهِمْ عَلَىٰ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَآءٌ أَفَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ} النحل:71

وقوله سبحانه وتعالى : {وَلَا تَتَمَنَّوْا۟ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِۦ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبُوا۟ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبْنَ وَسْـَٔلُوا۟ ٱللَّهَ مِن فَضْلِهِۦٓ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمًا} النساء:32..

9- خطأ فقهي كبير في اعتبار الإسلام شرطا لتولي الولاية على الأمة: والصحيح الإيمان 

الشرح والتوضيح: اشْتَرِطُ الْفُقَهَاءُ لِتَوَلِّي الْوِلاَيَةِ الْعَامَّةِ تَوَفُّرَ الشُّرُوطِ التَّالِيَةِ:  الإِْسْلاَمُ:  أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى اشْتِرَاطِ الإِْسْلاَمِ لِصِحَّةِ تَوَلِّي جَمِيعِ الْوِلاَيَاتِ الْعَامَّةِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:  {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} .  حَيْثُ دَل عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ لاَ يَسْتَحِقُّ الْوِلاَيَةَ عَلَى الْمُسْلِمِ بِوَجْهٍ ولا على المؤمن. وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى:  {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ} . قَال الشَّوْكَانِيُّ: أُولُو الأَْمْرِ هُمُ الأَْئِمَّةُ وَالسَّلاَطِينُ وَالْقُضَاةُ وَكُل مَنْ كَانَتْ لَهُ وِلاَيَةٌ شَرْعِيَّةٌ. فَدَلَّتِ الآْيَةُ عَلَى أَنَّ مُسْتَحِقِّي الطَّاعَةِ أُولُو الأَْمْرِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ، فَلاَ وِلاَيَةَ لَهُ عَلَيْهِمْ وَلاَ طَاعَةَ. نلاحظ من هذا الشرح أن الشرط المطلوب هو الإيمان وليس الإسلام، فالمسلم قد لا يكون مؤمناً، ولكن المؤمن هو بالطبع مسلماً. ولفهم المزيد من ذلك يجب الاطلاع على الفرق بين المسلم والمؤمن..

والله الموفق والمستعان 

              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم