ما المقصود من دراسة التاريخ

قراءة التاريخ لم ولن تكن للنزهة ولا لقضاء وقتاً للتسلية.

التاريخ هو المرآة التي تنظر بها لترى وجهك، هل يحتاج لأمر ما، هل يبدو طبيعياً، وكما يرام، أم هناك شيئاً ما يجب القيام به.
التاريخ هو كشف حسابك في الماضي، هل سار كما هو مطلوب، وهل يسير في الاتجاه الصحيح، وما يجب عليك أن تفعله في الأيام التالية.
التاريخ هو الرجل الداهية، الخبير، الدليل، الذي يعطيك جملة كافية من التجارب الفاشلة لتبتعد عنها، وجملة كافية من التجارب الناجحة لتقتدي بها.
التاريخ هو سجل كامل لحياتك الماضية وحياة آبائك وأجدادك، فاختر منه ما يعجبك لتطويره أو تجديده أو السير على نهجه.
التاريخ هو تتبع جذورك الاساسية، ليبين لك في اي منها وقع المرض، وكيف عليك ان تعالجه، أو ان تصتأصله، لتستمر عملية النمو في ازدهار.
التاريخ هو ذلك البيت القديم⟰، الذي يضم كل الذكريات، والاجداد يتهامسون فيه، يسردون قصص الحنين والشوق، وصفحات المجد، ليرسموا لك خارطة من الآثار🔄🔃، فما عليك سوى رسم صروح المستقبل، وترميم الآثار لتجعل منه مزاراً ورمزاً لا تفارقه الاجيال.
التاريخ هو النكهة الطبيعية للحياة الاجتماعية الأصيلة الذي مر بها اولئك السابقين فنجحوا، فعليك أن تواصل النجاح بجدارة ومهارة وبنكهته الطبيعية الأصيلة، بدون تصنيع وتزييف.
التاريخ هو قاعدة أخلاقية ودينية واجتماعية واقتصادية، التاريخ هو الذي حفظ لنا السيرة النبوية العطرة، وقصص الصحابة والمجاهدين والأحاديث النبوية، التاريخ هو الذي عرفنا بأبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد، وعلي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان، وأبو هريرة، وصلاح الدين الأيوبي، رضي الله عنهم جميعاً، التاريخ هو الذي قال وكتب كيف تم احتلال القدس وكيف تم تحريرها، التاريخ هو الذي عرفنا بعناصر القوة وخوازيق الهزيمة.
التاريخ هو الذي عرفنا بامتدادنا العربي في ثلاث قارات في العالم، التاريخ هو الذي عرفنا باننا قد وصلنا إلى فرنسا غرباً والصين شرقاً، فمن صفحات التاريخ تعرفنا بأننا كنا اصحاب حضارة وعلم وأخلاق، ومن التاريخ عرفنا أن في الاتحاد قوة ونصر وشموخ، وفي التفرق ضعف وانحلال وهزيمة.
من خلال صفحات التاريخ عرفنا أن للحرية ثمن، على الأحرار أن يدفعوه بقناعاتهم، ويحفظوا له سبل الديمومة والاستمرار.
ليس التاريخ نزهة بين أوراق ممزقة وكلمات ضائعة، إنما التاريخ تجديد وتوثيق هذه الأوراق والعثور على الكلمات الضائعة ونقشها في صخورٌ لا تتحطم.
لقد آمنا من خلال قراءة التاريخ، ولا يزال التاريخ يتربع فوق المنابر في مساجد العالم، يضرب لهم أمثلة الإيمان والصبر والتضحية والجهاد والعلم.
التاريخ هو الدرب الآمن، الذي لا يعبره إلا قادة يعشقون النصر.
التاريخ هو إن كتب لا يشطب، وإن قال فعل، وإن إنطلق لا يتوقف.
التاريخ لوحة لا يمكن لها أن تكون قبيحة، وكلما طال الزمن، زادت اكتشافاته للحقائق.
التاريخ كنز دفين، كلما نقبت عنه، كلما اكتشفت شيئاً جديداً، يعطيك أملا في العثور عليه، فلا يستمر إلا من تحلى بالصبر والمثابرة. 

إقرأ عن المؤرخ 

              

بقلم/ المؤرخ

Abu Ismail al-Hilali

التاريخ بيت قديم، الأجداد يتهامسون فيه عن إرث مجيد والأحفاد يستمعون ويصغون لفهم الحياة

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

أحدث أقدم