الموضة من أنماط الغزو الثقافي |
كلمة الموضة: تعني ١ - ابتكار نماذج جديدة من اللِّباس ووسائل الزِّينة وغيرها "الموضة الباريسيَّة- تلبس على المُوضة" ° ذو موضة: دارج. ٢ - زيّ أو أسلوب أو عادة سائدة، ذوق عام. ٣ - نمط يولع به الإنسانُ مدّة ثم يزول.[معجم اللغة العربية المعاصرة، أحمد مختار عمر، ج3، ص139]..
يستخدم مصطلح الموضة: في الوقت المعاصر للدلالة على عدة أشياء وأمور يحدثها أصحاب الموضة في المجتمع مثل: أن تحتفل بيوم عيد ميلادك مع استخدام الشموع والكعك أو الطرطة والحلويات والمشوربات الغازية، وأن تلبس ملابس جديدة في عيد ميلادك مثل البدلة، وأن تعزم على هذه الحفلة الأصدقاء والأحبة ويغنون في هذه المناسبة بجملة " هابي بيرث دي يو "، ومن الموضة أن تخرج بالملابس الداخلية أو تجلس أمام بيتك، ومن الموضة أن تحلق شعرك مثل اصحابك، ومن الموضة أن تلبس المرأة الملابس الضيقة التي تفصل الجسم، أو تكشف العورة، وأن تمشي ورأسها مكشوف، مع كافة ألوان الطيف، وقوس قزح، ومن الموضة أن تتحدث إلى أصدقاؤك وأهل حارتك ومجتمعك بكلمات: هاي،سُري، وبرستيج، ونو، ويس، وقود، وأن تتحدث إنجليزي لتعبر عن مستواك الثقافي والحضاري ولتثبت للعالم إنك إنسان متحضر والباقي جهلة ومجانين.. ومن الموضة أن ترقص في الأفراح كرقص العاهرات، ومن الموضة أيضاً أن تغير جلدك وثوبك ولغتك وكلامك وبيتك، في نهاية المطاف أصبح من الموضة أن تتهجم على اللغة العربية وتسميها لغة المتخلفين والمرضى النفسيين والمجانين، هكذا وصلت بهم الموضة في الوقت المعاصر..
وكثير من أهل الموضة أصبحوا يفهمون أن الموضة (حرية شخصية)
كما أن الموضة مصطلح مستخدم في صناعة الأزياء
كما أنه مستحدم في وسائل الإعلام والصحافة، تحت مسمى "صحافة الموضة"
ومن الأخطاء الشائعة أن بعض الباحثين يربط بين مفهوم تطور الزي التقليدي والموضة الخاصة بالأزياء، ولذلك فهم ينسبون تاريخ الموضة على أنه قديم جداً، وهو مرافق لمراحل النمو البشري وحضارته عبر التاريخ، والحقيقة هذا كلام لا أساس له من الصحة، فلا يمكن أن نربط أي تطور حضاري للإنسان على أنه جزء من تاريخ ومفهوم الموضة، وإن مصطلح الموضة لم يظهر في التاريخ العربي القديم ولم يكن هذا المصطلح مستخدم في العصر الجاهلي ولا في العصر الإسلامي الأول، على الرغم من ظهور وبروز تطور كبير على ملابس العرب في بداية العصر الإسلامي، وفي العصر الأموي والعصر العباسي، وفي كل مرحلة من تلك العصور حدثت فيها تطورات كبيرة في الأزياء والبناء والملابس والعلوم والفنون المختلفة ورغم ذلك لم يرد في تلك المكتبات الأدبية أي مفهوم لاسم "الموضة" وإنما الموضة بدأت تظهر في أعقاب الثورة الفرنسية وبعد تغلل النفوذ الفرنسي والانجليزي في شرق المتوسط بداية عام 1800م - وبعد عام 1917م - 1920م ثم اشتد تسارع وتيرة انتشار "الموضة" في كافة المجالات إلى إن وصلنا إلى العصر الحالي..
ووفقاً لهذا السرد فإن الموضة ليست حرية شخصية، وليست نمط شعبي، وليست جزء من الحضارة، وإنما هي عمل مضاد موجه لمحاربة تراث الأمم، وأفضل تعريف مناسب لمفهوم الموضة هو صورة من صور الغزو الثقافي الذي يهدف لاحداث تغيير في تراث وثقافة المجتعات القديمة للتعايش مع المجتمعات الحديثة، أو بصورة أكثر وضوحاً، هي وسيلة من وسائل اخضاع الأمم لسياسات الدول القوية المعاصرة، لاتقاء شرها ..
بعض الاقتباسات ممن تطرق لأخطار الموضة المعاصرة:
عبد الرحيم السلمي يقول: "والحقيقة أنه مع الانفتاح العالمي الذي نعيشه اليوم من خلال الاتصالات، وتيسر انتقال العادات عن طريق السفر والالتقاء بالآخرين والإعلام، الذي له تأثير بالغ في حياة الناس، فقد يضعف كثير من الناس ويقلد الغربيين، دون أي حاجة لهذا اللباس أو لهذا التصرف، وبعض الأشخاص من الذين أخفقوا في دراسة اللغة الإنجليزية تجد أنهم مع هذا يستمعون إلى ديسكو باللغة الإنجليزية ولا يفهمون منه شيئاً، بل إن بعض الشباب مع الأسف أصبحت همته دنيئة إلى درجة كبيرة جداً، يتابع آخر موضة من موضات قصات الشعر، وآخر موضة من موضات الملابس، وآخر رقصة للاعب أو لمغن أو لمغنية.." [دراسة موضوعية للحائية ولمعة الاعتقاد والواسطية، السلمي، ج7، ص4]
علي الطنطاوي يقول: "لكني أعرف أن لكل عصر كلمات تمشي فيه على الألسن، يُقبل عليها الشباب ويُفتَنون بها من غير بحث عن حقيقة معناها، كما يتلقف النساء (أعني بعض النساء) الموضات في الثياب، ويقلّدْنَها ويحرصنَ عليها من غير أن يدركن الفائدة منها! ولقد كانت الموضة السائرة ونحن صغار كلمة «عصري»، وكانوا يتّهمون كل متمسك بالدين بأنه متعصب وغير عصري. وقبلها كانت الموضة كلمة «منوَّر»، فالذي يخالف ما عليه الشباب يتهمونه بأنه غير منوَّر. وكان كثيرون من ضعاف الإيمان يتظاهرون بترك الدين (وهم متديّنون في الواقع) خوفاً من أن يقال إنهم غير منورين أو إنهم متعصبون غير عصريين! وقد بطلت اليوم هذه الكلمات وحلّت محلها كلمات جديدة صارت هي موضة العصر، هي كلمات «التقدمي» و «التقدمية» و «الرجعي» و «الرجعية». فصول في الدعوة والإصلاح، الطنطاوي، ص10]
[موضة إنكار الأحاديث الصحيحة!]
في مثل هذا الزمن العجيب لا يعلم المرء من أين يبدأ ولا كيف يبدأ؟ وهو يسمع بعض الجهلة المتعالمين يقذف بالكفريات، ويتطاول بالاعتداء على الشريعة المحمدية، وعلى جنابه -صلى الله عليه وسلم-، إي والله يردّ أحاديث في الصحاح بحجة أوهى من بيت العنكبوت زاعماً أنّ عقله لم يقبلها! !
وهذا أصلٌ عند كل مبتدع في العقائد أو ملوثٍ في الفكر .. فتجد المفتون بمثل هذا يقدّس عقله بجرأة بالغة .. ويضرب بنصوص الكتاب أو السنّة عرض الحائط .. ونسي هذا المخلوق الضعيف أنّ النصوص (منزلة) من خالق العقل فيا لِسخف عقول بعض بني آدم! [ينابيع المنبر مجموعة خطب، صغير بن محمد، ص430]
التسميات :
الثقافة